دور الإعلام في التوعية – الدكتور الشيخ ولد الزين
إن القرآن الكريم هو مصدر الفكر والثقافة والعقيدة ،ومنهج السلوك والتربية و الأخلاق ،ومستودع التشريع والأحكام والمعرفة ،ومقياس الخطأ و الصواب و مرجع الحيرة و الخلاف و هو مصدر عزة هذه الأمة و أساس نهضتها، فمنذ أشرقت أنوار الوحي في ربوع مكة المكرمة أنطلق التاريخ الإنساني مرحلة جديدة من الوعي والإيمان والثقافة والحضارة .إنما يطمح إليه المخلصون من أتباع القرآن هو أن تعود الأمة إلى كتاب الله المجيد ، منهجا ودستورا للحياة، ومصدرا للوعي والفكر والثقافة، ومقياسا للخطأ والصواب ،ومرجعا لحل الخلاف وأساسا للوحدة ونبذ الفرقة .
1– مفهوم الإعلام :
أعلمته وعلمته في الأصل واحد إلا أن الإعلام اختص بما كان بإخبار سريع ،والتعليم اختص بما كان بتكرير وتكثير حتى يحصل منه أثر في نفس المتعلم .جاء في لسان العرب :علم وتفقه، أي تعلم وتفقه وتعالمه الجميع أي علموه ويقال :استعلم لي خبر فلان وأعلمتنيه إياه،و قوله عز وجل (وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر )
–الإعلام في الاصطلاح :
له من التعريفات ما لا يمكن حصرها .ومنها :هو التعبير الموضوعي عن عقلية الجماهير، وروحها وميولها واتجاهاتها في نفس الوقت .ومنها أيضا الذي يصدق على الواقع الإعلامي المعاصر، وهو :الأسلوب المنظم للدعاية السياسية أو ترويج الأفكار في وسط مهيأ نفسيا لا استقبال السيول الفكرية التي تقذفها المصادر، التي تتحكم بالرأي العام ،وتمسك زمام
الأمور بيد من حديد .ولكن البعض يراه بأنه : النقل الحر و الموضوعي للأخبار و المعلومات بإحدى الوستئل الإعلامية أن أنه نقل الأخبار و الوقائع بصورة صحيحة .
فالإعلام وفقا للمعاني السابقة هو تقديم الحقائق المجردة سواء كانت سارة أم محزنة ،وهذا الارتباط بالحقيقة هو أهم ما يميز الإعلام من غيره من أشكال الاتصال الأخرى. وكذلك نلاحظ أن تعريف الإعلام لابد من أن يتضمن المضمون والوسائل حتى يكون أقرب إلى الشمول ، بمعنى أن يشمل الإعلام بالقول والإعلام بالفعل .
ولما كان التواصل في شكله البسيط يتم بين فرد وآخر لنقل معلومة أو استفسار، فإن هذا الأمر يحتاج لحصيلة لغوية تسهم في إكمال هذه العملية. ولذلك عندما خلق الله الإنسان خلقه قادرا على صنع الكلام بمفرداته ومعانيه ، قال تعالى >>:وعَلم َآدَمَ الْـأ سْمَاءَ كُلَهَا ثُمَ عَرَضَهُمْ عَلى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أنْبئُونِي بأسْماءِ هؤُلاءِ إنْ ُكنْتُمْ صادِقِين<< ،فاللغة بحسب المعنى القرآني ، من أهم الاتصال وبالعودة إلى الإخبار الإعلامي نجده تارة بالقول وأخرى بالفعل، ولما كانت الأدلة العينية عموما ، ذات قوة فاعلة في كثير من الأحيان ، فإن معجزات الرسل : تجيء في هذا الإطار الإعلامي ، وبذلك يمكننا أن نعد كل العلامات التي تظهر في شكل معجزات أو خوارق للرسل إعلاما من الحق عز وجل للناس بأن هذا الرسول مرسل من عند الله .
(يا أيًهَا الرًسُولُ بَلٌغْ ما أنْزلَ إليْك مِنْ رَبًكَ و إنْ لَمْ تٌفْعَلْ فَما بَلًغْتَ رسالَتَهُ وَاللًهُ يَعْصَمُكَ مِنَ النًاس إنً اللًهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرين<< لعظمة أمر التبليغ و الرسالة. و أسلوب هذه الآية، ولحنها الخاص،
وتكرر توكيداتها ، وكذلك ابتداؤها بمخاطبة الرسول يا >>أيًهَا الرَسُولُ<<التي لم ترد في القرآن الكريم سوى مرتين ، وتهديده بأنَ عدم تبليغ هذه الرسالة الخاصة إنًما هو تقصير – و هذا لم يرد إلا في هذه الآية وحدها – كل ذلك يدل على أن الكلام يدور حول أمر مهم جدا بحيث أن عدم تبليغه يعتبر عدم تبليغ للرسالة كلها.
وبذلك نرى أن أهمية الإعلام الإسلامي تكمن في تصحيح مفاهيم الإسلام والدعوة إلى مبادئه السمحة، وقيمه الأصيلة النافعة، بطريقة عملية وعلمية.
تعريف التوعية:
يمكن القول أن التوعية تعرف بأنها العملية التي تشير إلى إكساب الفرد وعيا حول أمر ما أو أمور بعينها ، وتبصيره بالجوانب المختلفة المحيطة بها.
ومن هذا المنطق ، فإن التوعية تهدف في بؤرة اهتمامها إلى التوجيه
.والإرشاد للتزود بالمعرفة وإكساب واكتساب الخبرة
ويمكن القول أن التوعية تشير إلى مدى التأثير في إنسان أو جماعة أو
مجتمع لقبول فكرة أو موضوع ما . وعموما فالتوعية بشيء تعني ما يلي :
-1 معرفة ماهية وظروف هذا الشيء.
-2 فهم طبيعة حركته ، وهل هي مفيدة أو ضارة ، إيجابية أو سلبية …؟
-3 التوصل إلى أسلم الطرق الممكنة واقعيا للتعامل مع هذا الشيء، والسيطرة عليه.