محاربة العادات المكرسة لمخلفات الاسترقاق
أولا: المقدمة:
يتكون موضوعنا من ثلاثة محددات ينبغي الوقوف عندها حتى نتمكن من الإحاطة به ، وتلك المحددات هي : الإرقاق ، مخلفاته أو أثاره، ثم العادات المكرسة لتلك المخلفات.
فيمكننا أن نعرف الاسترقاق بأنه امتلاك الإنسان القصري للإنسان الذي يقتضي الغلبة أو القوة أو الإكراه ، وهي الظاهرة الاجتماعية التي تعرف بأنها العبودية أو الرق .
وقد عرفت كل المجتمعات البشرية هذه الظاهرة باعتبارها أولا نظاما اجتماعيا أو إنتاجيا، يختلف في تجلياته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من مجتمع إلى آخر.
أما خصوصيته في مجتمعنا، فمن المعروف أن جذوره ترجع إلى الاتجار بالبشر عبر الصحارى وعمليات السطو التي كانت منتشرة هنا وهناك في حقبة معينة من الزمن، والتطورات التي شهدتها هذه الظاهرة تمت بفعل مجموعة من العوامل نذكر منها من حيث الأساس الاستعمار، الموجات المتكررة للجفاف، النزوح الريفي والوعي السياسي المنجر عن انفتاح بلادنا على العالم.
مخلفات الاسترقاق أو آثاره تتمثل فيما خلفه النظام الاجتماعي التقليدي الاسترقاقي من فقر وجهل وتهميش وغبن وإقصاء للأعداد الكبيرة من أبناء شعبنا المنحدرة من الأرقاء القدامى، إذ لم يعد مضمون العلاقة التي تربطهم بالأسياد مضمونا استرقاقيا إلا أن الماضي الاستعبادي مازال يلقي بثقله عليهم على المستويات آنفة الذكر.
ينجر عن واقع الاسترقاق في الماضي ومخلفاته التي مازال المجتمع يعيشها عقليات وعادات وصور نمطية ينطبع بها سلوك أغلبية أفراد مجتمعنا، وتميز ردود فعل الكثرين، لذلك فإن محاربة مخلفات الاسترقاق لا تنحصر على جوانبه المادية المتمثلة في الفقر والجهل فحسب، وإنما ينبغي أن تطال العادات والعقليات المكرسة لتلك المخلفات.
ثانيا: العقلية الإسترقاقية هي الوجه الآخر للاسترقاق:
لو لم تكن العقلية الاسترقاقية موجودة لما تمكن البشر بأن يخضع بعضهم البعض بالقوة، فبالإضافة إلى التبرير الثقافي المغلوط لهذه الظاهرة في الموروث العربي مثلا من قبيل:
لا تشترين العبد إلا و العصا معه
|
إن العبيد لمناجس مناكر
|