بيان هيئة العلماء الموريتانيين حول التحذير من التبذير والإسراف

بيان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛

فقد حرم الله تعالى التبذير، ووصف أصحابه بإخوة الشياطين، قال تعالى: (ولا تبذِرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)، والتبذير صفة وخلق مذموم نهى عنه الله وحذر منه، وعرف بأنه تجاوز الحد في الإنفاق، بتفريق المال في غير وجهه، وهو مرادف للإسراف، فإنفاقه في الفساد تبْذِير، وَلَوْ كَانَ المِقْدَارُ قَلِيلًا، وإنفاقهُ في المُباحَ إِذا بَلَغَ حَدَّ السَّرَفِ تَبْذِير، ووضع المال في غير محله وصرفه في المعاصي، تفاخراً ولعبا وتساهلا، يعود على صاحبه والمجتمع والأمة بالضرر العاجل والآجل.

قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ… رَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ. قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ).

والمبذر متجاوز حدوده ومحاسب على صرف ماله: قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمـه فـيـم فـعـل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه (عن ماله من أين اكتسبه)، أمن حلال أو حرام؟! وفيما أنفقه أفـــي البـــر والمعروف أو الإسراف والتبذير.

لذا يلزم المسلم العاقل، حفظ المال والتوسط في الإنفاق، وأن يمتثل قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتَرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا).

ويلزم أصحاب الأمر، والحكماء ودعاة الإصلاح التصدي لما يقع من تبذير، ووضع للمال في غير محله، وهدر للموارد وإعطاء من لا يستحق، وتشجيع السفهاء، واعتبار ذلك من المناكر الشرعية، إذ ليس من الكرم في شيء، بل هو تشجيع على المعصية، وإفساد لأخلاق المجتمع، ومساهمة في هدمه، ونشر التملق والتزلف، وبث روح الفساد والبطر، ويعظم الأمر في شعب متعفف، تنتشر فيه الحاجة.

لذا فإن الهيئة تذكر بحديث وجوب تغيير المنكر، وتنبه المسلمين إلى ضرورة البعد عن الإسراف، وتجنب التبذير، امتثالا لأمر ربهم، وتطبيقا لسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.