محاربة العادات المكرسة لمخلفات الرق من خلال محاربة الأمية والفقر والتهميش – حمدا بن التاه
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم
الحمد الله أما بعد:
فإن ظاهرة الرق ظاهرة عامة عرفتها جميع الحضارات وتخلصت منها عن طريق دين الإسلام والفكر المستنير لكن رواسب هذه الظاهرة ظلت قائمة تنفجر من ساعة لأخرى لأسباب ومظاهر متعددة كان من أهمها الأمية والفقر والتهميش وسوف أحاول في هذا العرض أن أبين دور الذي لعبته هذه العوامل الثلاثة في تركيز هذه الظاهرة على أن أقترح طرق العلاج للتخلص من هذه الظاهرة من أسبابها ومسبباتها .
أولا: تعتبر الأمية هي أكبر رافد لرسوخ جميع العادات السيئة بما فيها ظاهرة الرق فلم يكن الإنسان المسترق يكتب أو يقرأ ومن هنا جهل نفسه وجهل حقوقه وواجباته وما ميزه الله به وكرمه وستخلفه في الأرض وحمله الأمانة وأنه قد ولد حرا ومن حقه أن يعيش حرا إلى غير ذلك من المميزات التي تميز بها والتي تخلص منها من رعونات حيوانية وحتى المادية وسما بها إلى ذلك البعد الروحي ومن هنا فإن العلاج الأول للتخلص من هذا الرافد هو نشر العلم والمعرفة بين هذه الطبقات حتى تشعر بكرامتها وعزتها وترتفع عن عقدة الدونية التي قد تهيمن عليها وهذا ما يقتضي إنشاء مدارس ومحاظر ومساجد في جميع التجمعات من هذه الفئة كما يقتضي أيضا القيام بندوات وحوارات يشارك فيها المعنيون ولكي تكون الرسالة منهم وإليهم ومنا ومنهم وحتى لا تكون دعوة خاصة بفئة معينة أن يكون المشرفون من مختلف الطبقات وهذا ما يقتضي ما يعرف بتكوين المكونين وذلك عن طريق مشروع يستهدف فقط تكوين المكونين من هذه المجموعة ومزجهم لمكونين من مختلف الفئات ويجب أن يكون هذا العمل حذرا من نشر روح الفئوية وهذا ما يقتضي مزجهم بالآخرين خلال التكوين حتى يكون من بينهم واليوم موجود من بينهم أئمة ودعاة وشيوخ محاظر مع تقوية ما هو موجود بالاعتماد عليه ومزجه مع المجتمع وتلك فكرة أساسية وضرورية من أجل إبعاد الروح الفئوية ويجب أن نكون من بينهم مكونين لكن يجب مزج هؤلاء المكونين بغيرهم والعمل والاعتماد على العمل الجماعي والروج الجماعية وفتح روح المنافسة الحرة الطليقة لما يظهر فيهم من عبقريات وذكاء وتشجيعهم على ذلك هذا بالإضافة إلى إنشاء مكتبات ورقية وإلكترونية سمعية وبصرية لتبصير الناس في أمور دينهم ودنياهم وهذا ما يقتضي إنشاء أدلة متخصصة وموجزة وواضحة ومن الأفضل أن تكون هذه الأدلة من إنتاج بعضهم ممن له مستوى علمي وتربوي هذا عن رافد الأمية.
أما الرافد الثاني لهذه الظاهرة في الفقر ويتميز الفقر عن الأمية بتنوعه وتشعبه فهناك فقر عن طريق تواكل أي أن الإنسان موكول إلى غيره يأكل من طعامه ويلبس من ملابسه ويبني من فضل بناءه وهذا النوع من الفقر هو أخطر لأن صاحبه لا يشعر بالفقر فهو مكفي المؤونة مكفول عن طريق العلاقات القديمة بالمقابل الخنوع والذل والانقياد كما أن هناك نوعا آخر من الفقر هو أن هذه الفئة يقل فيها الكسب وإذا كان هناك بعض ظواهر الكسب فإنها محدودة ومعتمدة هي الأخرى على السادة الأوائل كما أن هناك نوعا آخر من الفقر وهو الشعور بان السادة قد يأخذون تلك الممتلكات معتمدين في ذلك على أحكام شرعية مرتجلة تتجاهل حقيقة العلاقة التي تنطلق منها هل إنها علاقة شرعية تنبني عليها الأحكام أم إنها مجرد أوهام تختلط فيها الفتاوي الشرعية بالسطو والهيمنة إلى غير ذلك.
ومن هنا فإنه من الضروري القيام بإنشاء أوقاف ومشاريع استثمارية معتمدة على مميزات المنطقة زراعية في المناطق الزراعية صيدية في المناطق الصيدية تنموية في المناطق التنموية صناعية وتجارية في المناطق المدنية الكبرى، وعلى أن تكون هذه المشاريع تنطلق من دعم في الإنطلاقة ثم تصل إلى الإكتفاء الذاتي تعتمد أساسا على هذه الفئة مع انفتاحها على الفئات البدوية والأمية.
أما الرافد الثالث وهو التهميش فإنه ناتج عن العاملين السابقين بالإضافة إلى مجموعة من العقد من بينها عقدة الماضي عقدة الدونية ومن أجل القضاء على هذه الظاهرة فإنني أدعو أولا إلى الشعور بالاعتزاز بالنفس وبالكرامة والاعتماد على مقاييس الفضل الحقيقية التي هي العلم والعمل وتوضيح أن ما سوى ذلك أوهام لا يقوم على منطق ولا إلى حقيقة كما أدعو هذه المجموعات إلى محاولة مزج الدماء عن طريق المصاهرة في ظروف الإمكان ونشر تلك الثقافة ولا يفوتني هنا أن أنوه بالعينات من هذه المجموعة تحررت من كل هذه العقد واخذت مكانتها باعتراف الجميع وفي مقدمة هؤلاء أشكر وأنوه بالمرحوم همدي وأسرته التي تجاوزت جل هذه العقد من غير تخطيط ولا مشاريع ولكن فقط بالذكاء كما أن الأستاذ بيجل هو الآخر كان معلمة بتجاوز هذه الظواهر واسمحوا لي هنا أن أقول إن الذين كانوا يحملون السلاح لم يشعروا بهذه العقد لأنهم كانوا يغزون مع ذويهم ويقاتلون معهم كما أنوه أيضا ببعض المجموعات التي أخذت عن طريق الدراسة مكانتها وحصلت على مكانتها المعروفة اليوم.
وأخيرا أرجوا أن تكون كل هذه المشاريع ظرفية وأن نتجاوز المرحلة وأن نبتعد عن العقد الدونية أو الشعور بتفوق الآخرين فالعلم ملك للجميع ولمن تعلمه وليس لفئات معينة والمال لمن حصله والمجد لمن حصل ذلك عن طريق العلم والاكتفاء، وسمو النفس وعلى هذا الأساس فإن عملا كبيرا لا بد من القيام به أولا عن طريق نشر العلم والمعرفة بين هذه الفئة.
ثانيا: عن طريق نشر روح الكسب والعمل والاكتفاء
ثالثا: عن طريق توعية بالقيم الصحيحة بين أفراد المجتمع طبقا لقوله جل من قائل: ((إن أكرمكم عند الله اتقاهم)) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (الناس سواسية كأسنان المشط) .
وأرجو أن تكون روح هذه المشاريع قائمة على أساس التكامل والانسجام بعيدا عن روح الفئوية وأذكر بأن مجموعة كبيرة من البدو يعانون من نفس الإشكالات وأنه لكي يكون الأمر شاملا لا بد من إدماجهم في هذا التصور الشامل حتى يأخذوا هم الآخرين مكانتهم في المجتمع وحتى يكونوا ساد عارفين بمالهم وما عليهم بعيدين عن فكرة الفأوية أو الدونية وأرجوا أن تنشأ على جانب هذا المشروع ورشات مهنية لنشر الخبرات الحرفية التي كانت مقصورة على فئات معينة وعن طريق هذه الورشات يتعلم الناس ما يحتاجون إليه من حرف ومهن وعبقرية وفنون وغير ذلك في جو إسلامي وطني موحد.
ولا بد أن ترافق هذه المشاريع التربوية والاجتماعية والاقتصادية نشرات إعلامية باللغات الوطنية المبسطة والواضحة وأن يكون إلى جانب ذلك حوار إعلامي يشارك فيه الجميع والله ولي التوفيق.